خفايا السجون العراقية بأرقام الفساد والانتقام
2023-08-18 02:13:11
خفايا السجون العراقية بأرقام الفساد والانتقام
صحافة البيانات-شبكة الساعة
+ حجم الخط –
تكتظ السجون العراقية بآلاف السجناء والمغيبين قسراً وتتضارب الأرقام حول أعدادهم الحقيقية فعقب الاحتلال الأمريكي 2003 سيطرت العشوائية على نظام الاعتقال والمحاكمة والتحقيق فضلا عن اعتماد المخبر السري وبقاء أعداد من المعتقلين بدون محاكمة واستغلال السجون لتصفية الحسابات السياسية.
ويعتبر ملف السجون من الملفات المهملة لدى الدولة العراقية رغم الأوضاع السياسية والأمنية، التي شهدت تغيرات طائفية وسلاحاً منفلتاً وضعف المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية ما تسبب بازدياد أعداد الجريمة والانفلات.
وتؤكد المعلومات وجود حالات تعذيب وإساءة في التعامل والابتزاز كوسائل لانتزاع الاعترافات؛ إذ يعترف القضاة والمحامون والأطباء العراقيون بانتشار مثل هذه الأعمال فضلا عن روايات الضحايا التي لا تترك مجالا للشك.
أعداد السجناء:
مفوضية حقوق الإنسان في العراق أشارت إلى أن “عدد الموقوفين والمحكومين في مواقف الاحتجاز وسجون دائرة الإصلاح في العراق نحو 76 ألف شخص و3 آلاف امرأة فضلاً عن ألفَي حدث”، منهم 49 ألف محكوم، يتوزعون في أكثر من 30 سجناً بين مراكز التحقيق والاحتجاز والإصلاحية.
في الوقت ذاته، أعلنت وزارة العدل العراقية أن “السجون قليلة وأعداد السجناء أكثر من 50 ألف سجين في مختلف السجون العراقية من مختلف المحافظات وتتراوح أحكامهم ما بين الإعدام والمؤبد والأحكام المختلفة”.
في وقت لاحق، أكدت مفوضية حقوق الإنسان وجود أكثر من 49 ألف محكوم في العراق وأكثر من 30 ألف موقوف أي أن عدد السجناء 68 ألف سجين بين محكوم وموقوف.
بينما أشارت إلى أن عدد المحكومين والموقوفين في مقرات الاحتجاز وسجون دوائر الإصلاح العراقية التابعة لوزارة العدل والداخلية حتى 23 مايو/أيار 2021، بلغ 73 ألفا و715 سجيناً وموقوفاً، منهم 51 ألفًا و 776 محكوماً، وفق إحصائية أجرتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالعراق (هيئة مستقلة)، بحسب عضو المفوضية علي البياتي.
التضارب في أعداد السجناء دفع المفوضية إلى إصدار بيان أكدت فيه أن “أعداد المحكومين والموقوفين في تغير مستمر”.
وأفادت أن “السجناء بينهم ما يقارب ألفاً و875 امرأة، أما المحكومين بالإرهاب فقد بلغ عددهم 17 ألفًا و72 منهم 810 من النساء فيما بلغ عدد الموجودين في دور الإيواء الخاصة بالنساء والإناث التابع لدائرة الاصلاح ألف و226 سجيناً”.
المحاكم العراقية قضت بالإعدام على 9 آلاف محكوم منهم 4 آلاف شخص اكتسب الدرجة القطعية وبانتظار المرسوم الجمهوري، كما تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 97 شخصاً والمتبقي لم يكتسبوا الدرجة القطعية إلى الآن منذ تشكيلها، بحسب المفوضية.
وبحسب إحصائيات وزارة العدل هناك قرابة 50 ألف سجين عراقي حُكم على نصفهم بالإعدام.
ويخفى على منظمات حقوق الإنسان بل حتى على السلطات الاتحادية العدد الحقيقي للمعتقلين بالعراق وذلك بسبب صعوبة الوصول إليهم وعدم معرفة سجون أغلبهم.
تقارير دولية بينت أن ظاهرة اكتظاظ السجون والإصلاحيات ومراكز الاحتجاز والتوقيف والتسفيرات المشكلة الأكبر التي ما زالت تعاني منها غالبية السجون في العراق، فقد تبين أن 63% من المواقع أودعت فيها من 3 إلى 4 أضعاف العدد المناسب.
نسب أعداد حاملي الشهادات الدراسية من المعتقلين في السجون حسب المهنة:
أبرز مراكز الاحتجاز والتحقيق في العراق:
- لواء بغداد
- الاستخبارات العسكرية
- المخابرات العراقية
- لواء 54
- الشعبة الخامسة
- لواء 56
- استخبارات الداخلية
- الفرقة السادسة
- جرائم العامرية
- جرائم حي العامل
- جرائم الدورة
- دوائر التحقيق الانبار
- دوائر التحقيق ديالى
- دوائر تحقيق صلاح الدين
- دوائر تحقيق الموصل
- دوائر تحقيق كربلاء
- دوائر تحقيق النجف
- دوائر تحقيق البصرة
احتل العراق المرتبة 27 عالميًا بعدد السجناء بـ 73 ألف و715 سجينًا رسميًا في عام 2021، بينما تشير العديد من التقارير إلى أن عدد السجناء غير الرسميين والمغيبين بشكل قسري يفوق هذا العدد بما يقارب الضعفين.
جدول أعداد المحكومين والموقوفين والمودعين (رجال ونساء وأحداث) في السجون ومرافق التوقيف الاحتياطي في العراق لعام 2020 (بحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان)
أماكن الاحتجاز | الأعداد |
سجون دائرة الإصلاح العراقية | 41939 |
سجون وزارة العدل – دائرة الإصلاح العراقية | 40753 |
المحكومين الرجال والأحداث | 38821 |
النساء والأحداث الإناث المحكومات | 1932 |
سجون وزارة العدل الخاصة بالكبار | 1186 |
المحكومين والموقوفين من العرب والأجانب | 947 |
الأحداث المحكومين والموقوفين في دائرة إصلاح الأحداث – وزارة العدل | 1455 |
الأحداث من المودعين في دور رعاية الأحداث – بغداد | 1354 |
الأحداث من الموقوفين في دور رعاية الأحداث – بغداد | 101 |
المحكومين والموقوفين من العرب والأجانب للأحداث | 56 |
الموقوفين في التوقيف الاحتياطي لوزارة الداخلية | 24853 |
الرجال الموقوفين | 23744 |
النساء الموقوفات | 729 |
الموقوفين والمحكومين من العرب والأجانب | 380 |
موقوفي وزارة الدفاع | 197 |
الموقوفين في جهاز مكافحة الإرهاب | 85 |
الموقوفين على ذمة لجنة الامر الديواني (29) 2020 | 31 |
الحقوق المشروعة في السجون:
أ. البنية التحتية:
سجلت تقارير حقوق الإنسان أن المواقع الإصلاحية والسجون متهالكة ورديئة وتفتقر للخدمات الإنسانية؛ إذ كانت التصنيفات تشير أن 10% منها “جيدة جدا” و 7% “جيدة” و83% غير جيدة أو متهالكة.
وتعتبر أغلب السجون العراقية غير صالحة للعيش الآدمي بسبب غياب التهوية الجيدة والأماكن والمساحات مما يضطر النزيل لحفظ ملابسه وأمتعته قريبة منه أو معلقة على الجدار ما يسبب انبعاث الروائح الكريهة وتجمع الطفيليات، كما إن حوالي 50% من مواقع السجون قريبة من الأحياء السكنية؛ إذ صنفت على أنها غير آمنة.
كما صنفت المرافق الصحية والحمامات في المراكز الإصلاحية و التوقيفية والسجون بـ “جيدة” بنسبة 67% أما 33% غير صالحة للاستخدام البشري, فضلًا عن أن 60% من المواقع لا توفر المنظفات والصوابين ومستلزمات الاستحمام للسجناء.
وسجلت أيضا أن نسبة 100% من مواقع السجون لم يراع فيها متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة من أماكن للنوم والأكل وقضاء الحاجة والأمور الأخرى، و80% من السجون لا توفر الأفرشة والشراشف الجديدة وتعيد استخدام القديمة للنزلاء بعد المحاكمة أو الإفراج.
ب. الطعام
توفر إدارات السجون 3 وجبات من الطعام عن طريق عقود تبرم مع متعاقدين يقومون بتجهيز المواقع السجنية بالطعام ومستلزمات إعداد الوجبات، إلا أن 77% من السجون والإصلاحيات ليس فيها قاعات خاصة بالأكل مما يضطر السجناء الأكل في أماكن نومهم ومعيشتهم.
%53 فقط من المواقع بها حوانيت لبيع بعض المستلزمات, وأن وجدت فإن الأسعار تكون مرتفعة بشكل فاحش يبلغ ضعفين و 3 أضعاف أسعار السوق كما أنها منتهية الصلاحية وفاسدة لا تصلح للتناول البشري.
جـ. الخدمات الصحية
تشمل الخدمات الصحية الرعاية والخدمات الطبية الكاملة من الفحوصات الأولية إلى العمليات الجراحية الدقيقة انتهاءاً بمكافحة الأمراض السارية و المعدية والأوبئة وهي مسؤولية تقع على عاتق إدارات السجون والجهات التي تتبع لها، إلا أن 73% من المراكز الصحية في السجون ليس بها أطباء متخصصون في حين تفتقر 93% من المراكز الصحية إلى الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد المختبرية والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة.
في حين أن 100% من السجون لا يوجد بها خدمات طبية نسائية ولا أطباء متخصصون في مجال رعاية الحوامل كما أنه لا يوجد متخصصون بالعمليات الجراحية النسائية في السجون النسائية.
كما أن السجون والإصلاحيات تفتقر إلى الخدمات الصحية للأطفال الذين تقتضي مصلحتهم الفضلى ابقاؤهم مع ذويهم من المحكومات والموقوفات بنسبة 70% أما 30% المتبقية يعتمدون في توفير احتياجات الأطفال من ملابس ولعب وأدوية وحليب عن طريق مواردهم الخاصة بأسعار عالية جدا أو عن طريق المنظمات الإنسانية وقيام بعض المتبرعين بتوفير حفاظات الأطفال والحليب والملابس وصولا إلى الألعاب و الأدوية.
المشاكل الصحية الموجود في السجون والمراكز الإصلاحية :
– 50% مرض الجرب المعدي
– 30% أمراض نفسية
– 27% أمراض زهرية وتناسلية
– 43% أمراض مجاري بولية
– 83% حساسية وأمراض جلدية
د. وجود أكثر من جهة تدير السجون:
– المواقع التابعة لوزارة العدل العراقية وعددها 10 مواقع.
– المواقع التابعة لوزارة الداخلية العراقية وعددها 3 مواقع.
– المواقع التابعة لوزارة العمل في حكومة إقليم كردستان وعددها 9 مواقع.
بناءًا على ما تقدم فإن السجون العراقية تعاني من مشكلة في التبعية الإدارية بما يخالف نص القانون العراقي والذي أكد على أن تكون ادارة السجون تابعة لوزارة العدل حصراََ وفقاً للقانون رقم 14 لسنة 2018؛ إذ إن تواجد مراكز احتجاز وتوقيف تابعة لوزارة الداخلية ومكافحة الإرهاب ووزارة الدفاع والمخابرات تؤثر سلبا على حقوق السجناء لكون القوانين تختلف من وزارة إلى أخرى ومن إدارة إلى أخرى كذلك الأنظمة والتعليمات التي تنظم حقوق المحكومين والوافدين.
هـ. فساد موظفي السجن:
وفق ذوي المعتقلين في السجون العراقية فإن موظفي السجون يتلقون الرشاوي ويجنون أموالا طائلة عبر ابتزاز السجناء من خلال توفير بعض الحاجيات لهم أو بيعهم اشياءهم التي تصلهم من عوائلهم بأسعار مرتفعة.
مفوضية حقوق الإنسان اعتبرت السجون من أكبر بؤر الفساد في العراق، وروى أحد السجناء السابقين عبر لقاء تلفزيوني أن “الهاتف المحمول من نوع “نوكيا 1100″ يباع للسجناء بمبلغ مليونين و800 ألف دينار عراقي، في حين أكد سجين آخر أن سعر المواجهة الخاصة مع الأهل تكلف السجين من 400 إلى 500 دولار أمريكي”.
نشر مرصد أفاد المعني بحقوق الإنسان فيديو مسرباً وتسجيلاً صوتياً لأحد مدراء سجن التاجي يدعى (عباس) يتقاضى الرشوة ويبتز السجناء مقابل تسهيل أوضاعهم في السجن، ويقول أحد السجناء إن هذا الابتزاز أمر معتاد ويفرض علينا الدفع كل أسبوع ومن يمتنع يتم نقله لأقسام أسوأ أو سجون أخرى.
الأطر القانونية وحظر المعاملة السيئة للسجناء:
أ. القانون العراقي:
يحرم الدستور العراقي الاعتقال غير القانوني وجميع أشكال “التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية” ويضمن الحق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية وفق مادة 37.
ونصت المادة 15 على أن “يحدد الحق في الأمن والحرية، ويحظر الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها “إلا وفق قرار صادر عن جهة قضائية مختصة ً .
وتجرم المادة 333 من قانون العقوبات العراقي أعمال التعذيب. وتنص على أنه “يعاقب بالسجن أو الحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة عذب أو أمر بتعذيب متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو الإدلاء بأقوال أو معلومات بشأنها أو لكتمان أمر من الأمور أو لإعطاء رأي معين بشأنها ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة أو التهديد”.
ويجرم قانون العقوبات “استعمال القسوة” من قبل موظف أو مكلف بخدمة عامة إذا تسببت في معاناة شخص من الاخلال باعتباره او كرامته او احداث الما ببدنه” وفق المادة 332.
ب. القانون الدولي
التزم العراق بمعاهدات دولية تضمن أن يكون طرفا فيها وتقتضي الحق في الحرية والأمن وحظر التعذيب وسوء المعاملة، تشمل اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات جنيف لعام 1949 .
تنص معاهدات حقوق الإنسان التي صادق عليها العراق على الحق في محاكمة عادلة والحظر المطلق للتعذيب، بما في ذلك “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”اتفاقية مناهضة التعذيب”، التي تشمل الضمانات الأساسية وألا تنظر المحاكم في أي أدلة يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب وعدم إجبار أي متهم على الإدلاء بشهادته ضد نفسه أو الإقرار بالذنب وكما يجب أن يتوفر للمتهم الوقت الكافي لإعداد دفاعه وأن يكون قادرا على النظر في الأدلة والشهود الذين استخدموا ضده والطعن فيها وتقديم الأدلة والشهود من جانبه.
“إن التزام الدولة باحترام حظر مثل هذه الممارسات هو التزام مطلق وغير قابل للانتقاص”، مما يعني أنه لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية مهما كانت لتبرير تعليق أو عدم مراعاة الحظر المفروض على استخدامها.
السجون سبباً للاحتقان الطائفي:
المخبر السرّي:
يعد نظام المخبر السري سيء الصيت الذي فعله رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي في فترة حكمه بين 2006 و2014 بذريعة مكافحة الإرهاب وشن حملات اعتقال واسعة بحق الآلاف بتهم مختلفة؛ إذ غيب نظام المخبر السري المئات من المواطنين بوشايات كيدية أو بأبعاد طائفية وكذلك خلافات عائلية وقبلية، من دون دلائل جنائية؛ إذ تعتمد القوات الأمنية على أشخاص غير معلنين مقربين من الأجهزة الأمنية والضباط في عمليات رصد ومتابعة الأحياء الشعبية والقرى والأرياف.
ويقول أحد المعتقلين أن “قوة أمنية طوقت منزلي ومعها رجل ملثم (مخبر سري)، أشار بيده عليّ وقال لهم “هذا” ليتم اعتقالي منذ عام 2007، بتهمة مساعدة المجموعات المسلحة”، مضيفا أنه بعد اعتقاله وإجراء التحقيقات، ثبتت براءته ولكن لم يطلق سراحه إلا بعد 5 سنوات وانتقاله من سجن إلى آخر.
ويشير إلى أن أهله لم يعلموا عن أمره أي شيء وحتى مكان اعتقاله لمدة عامين، مبيناً أن المئات من أمثاله في السجون لا يتم عرضهم على القضاء ليحكم بأمرهم.
أقر مجلس القضاء الأعلى عام 2014، في بيان رسمي له، عقب حكومة نوري المالكي إن “498 مخبراً سرياً في بغداد وحدها تمت إحالتهم للقضاء بتهمة البلاغ الكاذب، مؤكدًا رفض أن يكون القضاء جسراً للسياسيين”.
القوات الأمنية لم تستغنِ عن هذا الملف حتى الآن وقد سجلت حوادث متكررة ففي كانون الثاني/يناير 2022 أعلنت القوات الأمنية العراقية أن مطلوبا بتهمة الإرهاب ارتكب مجزرة بعائلته بعد محاصرته من قوة أمنية؛ إذ أقدم على قتلهم جميعا، والانتحار لاحقا عقب اشتباكات مع القوات الأمنية.
ذوي الضحايا أكدوا أن الرواية الأولى “مفبركة”؛ إذا قالوا إن “خلافات عائلية بين رب الأسرة وأحد أقاربهم الذي يعمل ضابطا في وزارة الداخلية قدم بلاغا ضدهم إلى القاضي بتهمة الإرهاب واصطحب قوة أمنية إلى دارهم وشن هجوما عنيفا عليهم أودى بحياة 20 شخصا، من بينهم نساء وأطفال”.
تشابه أسماء:
يعدّ ملف تشابه الأسماء، من الملفات الشائكة في العراق؛ إذ إن القوات الأمنية وخصوصا “الحشد الشعبي” تعتمد على الأسم الثلاثي في عمليات الاعتقال وقبل أن يتم إثبات هوية الشخص باسم الأم أو الجد الرباعي يقضي فترات قد تصل لأشهر عديدة في التوقيف أو السجن بسبب تجاهل الأمر في غرف القضاء وتعقيد وإهمال الملفات فضلا عن أجندات طائفية وسياسية تحكمت سابقا بالملف.
يروي الشاب (ع م) أنه قضى أكثر من عام خلف قضبان السجن بعد اعتقاله نتيجة تشابه اسمه الثلاثي مع أحد المطلوبين بقضايا الإرهاب في بغداد والذي يخشى حتى اليوم ذكر اسمه بعد أن اعتقلته مفرزة أمنية عند أحد حواجز حدود محافظة بغداد عام 2017، واتُّهم بقضايا إرهابية عدة لم يرتكبها.
الدواعي الإرهابية:
اعتقل الكثير من الأبرياء بزعم الانتماء لتنظيمات الإرهابية تحت ذريعة الإرهاب أو التستر على المجاميع الارهابية، وكان لهذا الملف دور كبير في احتقان الشارع بالطائفية والانتقام نتيجة اعتقال الأبرياء من الأسواق والشوارع وأثناء المداهمات للمنازل بوشاية كاذبة أو ببعد طائفي، وقد شهدت العديد من المناطق تغييرا ديموغرافيا في العراق خصوصا في بغداد وديالى والبصرة نتيجة الاعتقالات والتضييق على الأبرياء بدواعي الانتماء للمجاميع الإرهابية دون أدلة جنائية.
محاكم التمييز:
تنقسم المحاكم الجنائية في العراق إلى المحاكم الجزائية للجرائم الكبيرة، ومحاكم الجنح، وللنيابة العامة والمتهم والمشتكي الحق في الطعن في حكم الإفراج أو الإدانة أو الحكم في حكم المحكمة الجزائية بدورها تنظر الهيئة الجزائية، التي تتألف من قاض يرأس الهيئة وما لا يقل عن 4 آخرين، في الطعون في محكمة التمييز الاتحادية في بغداد، وتراجع الهيئة الجزائية تلقائيا جميع القضايا التي تصل أحكامها إلى السجن المؤبد (25 سنة) أو مدى الحياة أو الإعدام فيجوز للهيئة تأييد القرار أو نقضه وإعادة القضية إلى المحكمة لإعادة المحاكمة أو إعادة التحقيق القضائي.
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن دراسة دقيقة لقرارات محكمة التمييز العراقية في القضايا المتعلقة بالإرهاب أظهرت على ما يبدو أن القضاء تجاهل مزاعم التعذيب أو اعتمد على اعترافات غير مدعومة في 20 قضية تقريبا خلال 18 شهرا رغم أُثبات بعض مزاعم التعذيب من خلال فحوصات الطب الشرعي، وكانت بعض الاعترافات غير مدعومة بأدلة أخرى ويبدو أنها انتُزعت بالقوة بما في ذلك عن طريق التعذيب.