ادارة الازمات ……
هل نحن قادرون على ادارة الازمات ….؟
لا يمر الوقت سريعا في بلادي منذ ١٧ عام والازمات تتوالى ومن فشل الى اخر ووصل الحال اليوم بلد منهك بالديون الخارجية ومفلس داخليا ونسبة عالية من البطالة وشهداء ومصابين وفقر وجهل و… نحن اليوم نعاني ليس من ازمة واحدة وانما من ازمات متتالية دون وجود حلول لها فجميع الحلول التي تتبناها الدولة هي وقتية وتكاد تكون حلول ترقيعيه … نحن هنا يجب ان ندرك ان الدولة تُدار من قبل اشخاص غير اكفاء والدليل ان بلد الحضارات يعاني منذ ١٧ سنة من مطبات على جميع الاصعدة … اليوم اصبح واضحاً ان الكراسي التي يتقاتل عليها السياسيين هي لأجل العقود والمنافع الخاصة ولا تمثل اي فرد من المجتمع واصبح واضحا وعلنياً ان المناصب تُباع وتشترى وفي بلدي لا تعمل مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب …
الأزمات جزء رئيسي في واقع الحياة البشرية والمؤسسية وهذا يدفع إلى التفكير بصورة جدية في كيفية مواجهتها والتعامل معها بشكل فعال يؤدي إلى الحد من النتائج السلبية لها. ولو أردنا النظر إلى كيفية إدارة الأزمة لوجدنا أنه لا يجوز أن ننتظر وقوع الأزمة ثم نتعاطى معها بل ينبعي استشعار المقدمات التي تنبئ بقرب وقوع الأزمة …
نحن نحتاج الى عمالقة في علم الاقتصاد والمالية وادارة الازمات وانا اكرر كلمة عمالقة لأننا قد وصلنا الى مرحلة الانهيار المالي والفكري والخروج عن السيطرة بسبب قرارات وسياسات خاطئة من قبل اشخاص لا يدركون معنى الازمات ….
الأزمات تجميع المعلومات والحقائق عن أسباب الأزمة وتفسيرها وتحليلها بكل دقة، والتعرف عليها حتى يمكن السيطرة عليها واتخاذ التدابير الصحيحة الفورية لمعالجتها وحلها مع قياس حدة وحجم الدمار المادي والبشري والخسائر الاقتصادية التي سببتها ….
نحن لا ننكر ان اغلب بلدان العالم تعرضت الى ازمات وخاصة بعد الحرب العالمية الاولى والثانية والازمة الاقتصادية التي ضربت العالم جميعا …
على مر التاريخ نستذكر في أغسطس/ آب عام 1945 قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، أسقطت القوات الأمريكية قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما في اليابان وحصدت أرواح عشرات الآلاف وتحولت هيروشيما إلى أرض مقفرة ومحروقة، واعتقد كثيرون، وفق ما جاء على لسان هارولد جاكوبسن وهو أحد العلماء المشاركين في “مشروع منهاتن أنها لن تصلح للعيش أو الزراعة لمدة 70 عاما…
لم يَمر على هذه الكارثة سوى عام واحد واذا بالشعب يتكاتف من اجل بلدة من اجل وطنة من اجل حياة سليمة ومن اوائل الامور التي اهتم اليابانيون بها هي التعليم والقضاء …
اين نحن من هذه التجربة ؟
اما التجربة الماليزية ، فالشعب عندما رأى أن الفساد والسياسات الخاطئة تنهش البلد وتتجه بها نحو المجهول، استنجد ب”مهاتير” البالغ من العمر 94 عاما، والذي حكم البلاد 22 عاما حتى عام 2003، فأخرجه من تقاعده السياسي فاستطاع أن يوحد المعارضة لمواجهة فساد رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق..
ولم يخيب رئيس الوزراء مهاتير محمد”، ظن الشعب، وعقب تسلمه مهام منصبه بدأ بالتحرك سريعا لاسترداد أموال منهوبة جرى تحويلها إلى الخارج عبر عمليات غير مشروعة، بل وأكد أن حكومته تسعى لاسترداد مليارات الدولارات دخلت في عمليات غسل أموال في الولايات المتحدة وسويسرا ودول أخرى…فخلال فترة لا تتجاوز 10 أيام من بعد انتخابه أي من 10 مايو إلى 20 مايو قام بغلق الحدود على المتورطين في قضايا فساد، وحجز أموالهم السائلة والمنقولة وإحالتهم للمحاسبة، وخلال هذه الفترة القصيرة فتح الرجل أكثر الملفات فسادا، المتصلة بالصندوق السيادي الماليزي الذي تقدر حجم الأموال المنهوبة منه بأكثر من 4.5 مليارات دولار، كما بدأ التحقيق مباشرة مع نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء السابق وزوجته وبعض أقاربه بتهم الفساد والتربح وتلقي رشى خارجية …
والكثير من الدول التي تجاوزت ازماتها بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب …
هل يوجد شخص ك مهاتير ينقذ ما يمكن انقاذه بعد الافلاس والتدهور الذي اصاب العراق …؟؟؟
السياسي العراقي المستقل
د.عدي الخطيب